
بقلم جيلاني فيتوري
من مدينة المكناسي في أعماق تونس، حيث البساطة والدفء الإنساني، انطلقت رحلة امرأة آمنت أن النجاح لا يكتمل إلا حين يقترن بخدمة الآخرين. هويدا ساكري، المقيمة منذ نحو عشرين عامًا في مدينة لوقانو السويسرية، تحمل قصة استثنائية تمزج بين الطموح المهني والالتزام الإنساني، بين عالم التجميل وعالم القيم النبيلة.
من قاعات الدراسة إلى ساحات العطاء
منذ أيام دراستها الثانوية والجامعية، كانت هويدا معروفة بين أصدقائها بشغفها بمساعدة الغير والانخراط في المبادرات التطوعية. لم يكن العمل الخيري بالنسبة لها خيارًا عابرًا، بل قناعة راسخة ترى فيها أن الإنسان وُجد ليترك أثرًا إيجابيًا في حياة من حوله.

مركز تجميل برؤية مختلفة
اليوم، تدير هويدا ساكري مركز تجميل في لوقانو، لكن هذا المركز ليس مجرد مساحة للعناية بالمظهر الخارجي، بل هو انعكاس لفلسفتها في الجمع بين الجمال الخارجي والداخلي. فالابتسامة التي تمنحها لزبائنها، والثقة التي تساعدهم على استعادتها، هي جزء من رسالة أشمل تؤمن بها: أن الجمال الحقيقي يبدأ من الداخل.
جمعية “الملائكة” ودعم فلسطين
انطلاقًا من هذه القيم، أسست هويدا جمعية “الملائكة” بسويسرا، وهي منظمة خيرية وإنسانية جعلت من دعم الشعب الفلسطيني محورًا أساسيًا لأنشطتها، خاصة منذ اجتياح غزة وبداية حرب الإبادة التي يتعرض لها المدنيون. نظمت الجمعية حملات تبرع، وفعاليات ثقافية، ومعارض توعوية، وحملت رسالتها إلى الشارع السويسري، حيث نجحت في إقناع العديد من المواطنين السويسريين بعدالة القضية الفلسطينية من خلال الحوارات المباشرة والأنشطة الميدانية.

التأثير في المجتمع السويسري
في بيئة أوروبية غالبًا ما تصلها الأخبار من خلال وسائل إعلام غربية منحازة، استطاعت هويدا أن تفتح نوافذ للحقيقة، مقدمةً الرواية الفلسطينية بلغة إنسانية مؤثرة. العديد ممن حضروا فعالياتها عبّروا عن تغيّر نظرتهم لما يجري في فلسطين، وهو إنجاز تعتبره هويدا من أعز ما حققته في مسيرتها.
جسر بين الوطن والمهجر
رغم استقرارها في سويسرا، فإن هويدا لم تنقطع عن وطنها الأم تونس، تزوره باستمرار وتحمل معه قصص نجاحها، لتؤكد أن المرأة التونسية قادرة على النجاح في الخارج دون أن تنسى جذورها أو تنفصل عن قضايا أمتها.
رسالة إنسانية مستمرة
بالنسبة لهويدا ساكري، العمل الخيري ليس موسميًا أو رد فعل على حدث ما، بل هو أسلوب حياة. سواء عبر أنشطة جمعيتها، أو عبر مبادرات فردية، أو حتى من خلال علاقتها اليومية مع الناس، تظل رسالتها واحدة: “لن يضيع الخير ما دام هناك من يؤمن به”.
هويدا اليوم مثال للمرأة العربية المهاجرة التي استطاعت أن تجمع بين الطموح المهني، والإبداع في مجالها، والدفاع عن القيم الإنسانية، لتثبت أن الجمال حين يقترن بالمبدأ يصبح رسالة تُلهم وتغيّر العالم.